لطالما طغت صورة المرأة القوية على الأدوار الرئيسية في الدراما الخليجية، حيث تأتي بوصفها امرأة خارقة، فوق المعتاد، وسيدة مجتمع مُتحكمة أو على الأقل قادرة على ضبط أمور أسرتها كافة، إلا أنه في معظم الأحيان تبدو علاقتها هشة مع زوجها، مما يفتح باب الخيانة أو تعدد الزوجات في كثير من هذه الأعمال... من ذلك دور «هيلة»، الذي تقدمه الفنانة هدى حسين في «زوجة واحدة لا تكفي»، ودور «شاهة»، الذي تقدمه الفنانة إلهام الفضالة في «بعد غيابك عني»، ودور «فادية» الذي تقدمه الفنانة فتات سلطان في «يس عبد الملك»، وغيرها من الأعمال المعروضة حالياً.
ويفتح ذلك باب التساؤل عن الصورة التي تصدّرها الدراما الخليجية عن المرأة، خاصة مع كثرة البطولات النسائية، مع كون معظمها يتعاطى بشكل إيجابي مع تعدد الزوجات، ويُجمّل الرجل المزواج، ويُسوّغ للمرأة فكرة التعايش بين زوجات الرجل الواحد، حيث تقبل بأن تكون الزوجة الأولى أو الثانية وربما الثالثة، ولا يقتصر الأمر على دراما الواقع، بل يمتد إلى أعمال التراث، ومن ذلك مسلسل «خيوط المعازيب»، الذي تزوج فيه الرجل الثري أبو عيسى (الفنان عبد المحسن النمر) 4 زوجات في أوقات متفرقة، وصرن يتنافسن على إرضائه وكسب مودته.
ويتزامن تعدد الزيجات في كل مرة مع الرخاء المالي والرفاه الاجتماعي، الذي يمثل سمة في المجتمعات الخليجية، إلا أنه تبدو المفارقة في هذه الأعمال عبر تركيزها على قالب المرأة الحديدية والثرية التي تقف بصلابة للحفاظ على أبنائها وأسرتها، وفي الوقت ذاته تتقبل هذه الزيجات المتعددة وأحياناً تدخل في حروب مع نساء أخريات في سبيل البقاء في العلاقة الزوجية، ومن هذا المنطلق تدور القصص والمؤامرات المغلفة بطابع كوميدي، والتي أصبحت سمة بارزة للموجة الجديدة من المسلسلات الخليجية.
البطولات النسائية
يوضح الصحافي والناقد الكويتي بشار جاسم الكندري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن البطولة النسائية ظلت متسيّدة في الدراما الخليجية منذ فترة طويلة، لنجمات مثل سعاد عبد الله وحياة الفهد وهدى حسين، مشيراً إلى غياب كل من سعاد عبد الله وحياة الفهد لموسم رمضان هذا العام، وهو ما يعتقد أنه يعود إلى غياب النص الجيّد، ويضيف: «هذا العام أيضاً تبرز البطولات النسائية في الدراما الخليجية، مثل هدى حسين في (زوجة واحدة لا تكفي)، وريم عبد الله في (الشرار)، وإلهام الفضالة في (بعد غيابك عني)».
تعدد الزوجات
وحول كثرة طرح قضية تعدد الزوجات في الدراما الخليجية وتزايد هذا الاتجاه في السنوات الأخيرة، يوضح الكندري أن الدراما تعتمد على الصراع بين الخير والشر، والجمهور مل من صراع الشركات وامتلاك الأموال والقصص المستهلكة، وأصبح يميل بصورة أكبر نحو قصص الخيانة وانتقام النساء في البطولات النسائية، مبيناً أن نجاح بعض الأعمال السابقة التي تناولت ذلك تسبب في تكرار موضوع التعدد في أكثر من عمل، بحيث صار الجمهور يقف في صف إحدى الفريقين، إما الزوجة الجديدة أو القديمة.
ويتابع: «سابقاً كنا نرى مبرراً لتعدد الزوجات، إما أن الزوج يرغب بامرأة تنجب له ولداً أو أن تكون زوجته امرأة عقيم، بينما الآن أصبح الأمر أشبه بالموضة». وبسؤاله لماذا تبتعد الدراما الخليجية عن التركيز على العلاقات الزوجية الصحية والمتماسكة بعيداً عن التعدد والخيانة، يقول: «نحن لسنا في المدينة الفاضلة، وفي حال أصبح العمل بهذه الصورة لن يتابعه أحد وستكون قصته نمطيّة واعتيادية، بينما العمل يتطلب أحداثاً من الحب والخيانة والزواج وغيرها، وفي الخليج نجد أن هذه القصص دارجة لجذب المشاهد، وهي قصص موجودة في كل دولة خليجية وكل بيت تقريباً».
دراما التراث
وبسؤال الكندري عن أسباب غياب المرأة البسيطة لصالح المرأة القوية المتسلطة التي تظهر في الكثير من الأعمال، يقول: «لا يوجد شيء اسمه امرأة بسيطة، بل هناك دور ونص». ويشير إلى مسلسل «خيوط المعازيب»، الذي قدّم صورة المرأة غير المتكلفة إلا أنه أيضاً لم ينجُ من تعدد الزوجات، حيث كان هناك أكثر من زيجة، والزوجة الثانية والزوجة الثالثة، رغم أنه عمل تراثي، وهو ما يراه تكريساً لاتجاه الدراما الخليجية نحو طرح قصص التعدد بأكثر من قالب.
من ناحية أخرى، يشير الكندري إلى أنه مع كثرة الأعمال التراثية هذا العام، والتي تُقدر ما بين 8 إلى 10 مسلسلات خليجية، إلا أنه يندر أن نرى فنانة لم تقم بإجراءات تجميلية، باستثناء الممثلات اللاتي ظهرن في مسلسل «خيوط المعازيب»، حيث ظهرن بملامح طبيعية. ويضيف: «في العمل التراثي أصبح من النادر أن نجد فنانة ملائمة لمثل هذه الأدوار، حيث يغلب على الممثلات البوتوكس والفيلر وابتسامة هوليوود وغير ذلك، وهذه جميعها عوامل تُضعف من مصداقية الفنانة لدى الجمهور».